جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


عقد مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث في جامعة النجاح الوطنية ورشة عمل بعنوان "الاتفاق على المخاطر" وهي جزئية في حزمة الأعمال الرابعة من مشروع مدن الغد الذي ينفذه المركز منذ شهر أيار العام الماضي. ومدن الغد هي منظومة تتعلق بتخطيط المناطق والأراضي الفارغة المخصصة للتوسع المستقبلي في المدن والبلدات بحيث تخضع لمعايير معينة للحد من مخاطر الكوارث، وذلك لتجنب الأخطار المستقبلية المحتملة وعدم تكرار أخطاء الماضي، ورسم سيناريوهات حول ما يمكن أن يحصل بعد 30 سنة في حال استمر تطور المدن كما هو عليه أو إذا تم اتباع سياسات ومعايير جديدة تحد من مخاطر الكوارث، حيث أن ما يقرره المجتمع الفلسطيني اليوم سينعكس مستقبلاً على أبنائه. ويقوم العمل في المشروع على أساس التخطيط التشاركي؛ إذ يتم بالشراكة مع ممثلي شرائح واسعة من المجتمع المحلي ومنهم الشباب والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الدخول المحدودة والمنخفضة وسكان المباني المرتفعة ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات ذات العلاقة والبلديات والحكومة ووسائل الإعلام بهدف إدارة مخاطر الكوارث المستقبلية.


وكان قائد فريق مدن الغد الفلسطيني الدكتور جمال الدبيك والباحث كريم الجوهري قد شاركا مؤخراً في ورشة عمل "التوافق على طبيعة المخاطر المحتملة" التي عقدت في العاصمة الكينية نيروبي بحضور الفريق الدولي لبرنامج مدن الغد العالمي، وذلك للتعرف على مستوى المخاطر المقبولة حال وقوع كارثة محتملة. وقد سبق فعاليات ورشة الاتفاق على المخاطر إجراء دورة تدريبية للفريق الفني الذي شارك في الورشة وذلك بحضور ممثلين من الفئات المجتمعية التي شاركت في المشروع منذ بدايته. 

واستمرت الورشة يومين وشكّلت حلقة وصل بين المراحل السابقة والتالية من المشروع، وفي الجلسة الافتتاحية للورشة، عرض الدكتور جمال الدبيك والمهندس كريم الجوهري ملخصاً حول الأعمال المنجزة من مشروع مدن الغد حتى تاريخه، تضمنت مقاطع وصور من الورش السابقة ومقدمة عن الورشة الحالية وأهدافها وإطار عملها. كما عرض أ.د. جلال الدبيك مقدمة حول مخاطر الكوارث وتوضيحاً للعلاقة بين الحد من مخاطر الكوارث وإدارة مخاطر الكوارث، واستراتيجيات تنفيذ برامج القدرة على الصمود والحد من المخاطر، وعملية تسلسل التخطيط لإدارة مخاطر الكوارث، وكيفية تقييم وقياس مستوى المخاطر من خلال استخدام مصفوفات الخطر وقابلية الاصابة والتعرض مرفقةً بأمثلةٍ توضيحية.

وفي اليوم الأول من فعاليات الورشة، تم استعراض إمكانيات وموارد المنصة الإلكترونية للمخاطر، بحيث أن المنصة قادرة على حساب وعرض مؤشرات أضرار الكوارث المحتملة بطريقة تفاعلية، وتضم أيضاً خرائط الاهتزازات الأرضية والانزلاقات والفيضانات على مستوىً عالٍ من الدقة، كما تقدم معلومات تتعلق باستخدامات المباني، ومواد البناء، ونوعية الأبنية وخصائصها، ومستويات دخل المواطنين وعلاقة ذلك مع نتائج التعرض في حالة وقوع الأخطار والكوارث؛ حيث أن قابلية التضرر في حالة وقوع الخطر تتعلق بنوع مواد البناء وارتفاعات المباني وجودة التصميم الزلزالي من عدمها، وموقع البناء وعوامل أخرى، وهذا ما توضحه المنصة بالتفصيل، إذ تقدم المنصة أيضاً شرحاً تفصيلياً حول نوعية الاضرار المحتملة وآثار الكوارث عبر مؤشرات كثيرة من بينها: أعداد الذين سينقطعون عن العمل، والطلاب الذين سينقطعون عن التعليم، وعدد الأسر والافراد التي ستصبح غير قادرة على الوصول للمستشفيات والمدارس، وعدد العائلات والأفراد الذين سيكونون قد تدمرت مساكنهم، وأعداد النازحين والإصابات والوفيات وغيرها من آثار. 

 

وفي ختام اليوم الأول تم نقاش نتائج أضرار الكوارث محتملة الوقوع في فلسطين، ونوقشت أيضاً مسببات ارتفاع الخسائر والأضرار في بعض المناطق دون غيرها، والسبل التي يجب اتباعها على مستوى المواطن والمختص والمسؤول للحد من المخاطر والخسائر التي قد تنجم عنها.  

 

وفي اليوم الثاني من الورشة، تمت مناقشة التحديات التي من المحتمل أن تواجه الإجراءات المقترحة للحد من مخاطر الكوارث، والتي ستؤثر على الفئات المجتمعية، وذلك للخروج باقتراحات وحلول ممكنة لتلك التحديات، لا سيما التحديات الأكثر أهمية وأولوية، والفترات الزمنية المتوقعة لتطبيق الحلول المتعلقة بها، وتم ذلك من خلال كل فئة من المجموعات المشاركة وبأسلوب النقاش والعصف الذهني. وفي ختام اليوم الثاني، قامت كل مجموعة بعرض التحديات والحلول التي توصلت إليها وشاركتها مع المجموعات الأخرى لإتاحة الفرصة لمراجعة مخرجاتها من والاستفادة من تجارب بعضهم البعض. 

 

واختتم الورشة الأستاذ الدكتور جلال الدبيك مدير المركز ومدير مشروع مدن الغد بقوله أنه تم مؤخراً عقد ورشة عمل "الإحاطة" والتي حضرها المسؤولون وصناع القرار لإحاطتهم علماً بالمحطات والأعمال التي تم إنجازها في مشروع مدن الغد، ولإيصال رؤية الفئات الاجتماعية حول مستقبل نابلس وذلك على شكل خرائط وبيانات وسياسات، ولرصد ردود الأفعال من صانعي القرار والسياسات، بالإضافة إلى جني التغذية الراجعة منهم بخصوص آلية التطبيق والفرص المتاحة وكيفية التغلب على العقبات. وقال إن مخرجات هذه الورشة من تحديات وإجراءات سيتم طرحها على صناع القرار ضمن الخطوات القادمة من المشروع استمراراً لما تم في لقاء الإحاطة، وذلك من أجل دفعهم لتطويرها وتبنيها بما يخدم الوطن والمواطنين، وأضاف الدبيك بأن هناك جملة من الإجراءات التي يمكن تنفيذها على أرض الواقع في فلسطين والتي لا تتأثر بمعيقات اقتصادية أو سياسية إنما تحتاج إلى اتخاذ قرار وتكاثف جهود الجميع، وذلك ضمن الإمكانات المتاحة وبشكل تدريجي.

وكانت نابلس قد انضمت في منتصف العام 2023 لمنظومة مدن الغد كأول مدينة عربية وخامس مدينة في العالم يتم إدراجها ضمن هذه المنظومة والتي أصبح عددها الآن عشرة مدن، وقد جاء ذلك بعد تحقق عدة شروط ومعايير؛ من بينها وجود مخاطر مُحدقة بالمدينة، ووجود عملية تخطيط حضري، وفئات مهمشة، وخطة استراتيجية وغيرها من محددات تم فحصها والتيقن منها من قبل الفريق الدولي قبل إدراج نابلس على خارطة مدن الغد العالمية.

وقد أنجزت نابلس حتى الآن أربعة مراحل من المشروع من أصل خمسة تسمى كل منها "حزمة أعمال" حيث تضم كل حزمة أعمال عدة أنشطة مثل بناء قدرات الفريق الفلسطيني، وإعداد الخرائط ونمذجة المناطق، وهي حزم متسلسلة يعتمد بعضها على بعض؛ ففي حزمة الأعمال الأولى تم تحديد الرؤى المستقبلية للسكان، وفي الثانية تم التحقق منها وتطوير الخرائط المتعلقة بها والسياسات، وفي الثالثة تمت نمذجة المخاطر المحتملة وآثارها، وفي الرابعة تمت إحاطة المسؤولين وتحديد مستوى المخاطر المقبولة. 

وتنتهي هذه المحطة من مشروع مدن الغد في النصف الأول من عام 2024 في سلسلة من العمليات والسيناريوهات المستقبلية للحد من مخاطر الكوارث مترجمة في هيئة خرائط وسياسات وإجراءات عمل مدروسة ومصممة وفقاً لأسس علمية؛ حيث سيكون المخرج النهائي للمشروع عبارة عن عينة حقيقية ومنهجية عمل يمكن تكرارها وتطبيقها لتخطيط توسع أي تجمع سكني في فلسطين على الأراضي التي ما تزال فارغة. وتطمح جامعة النجاح الوطنية أن تقود عملية نقل تجربة مشروع نابلس الى المدن الأخرى في فلسطين وإلى مدن عربية أخرى في العالم العربي.


Read 52 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية